محمد طاهر الكردي
محمد طاهر الكُردي (1321- 1400 هـ / 1903- 1980 م) هو عالم ومفسِّر وفقيه شافعي سعودي، وشيخ أزهري، مؤرِّخ وخطاط، وأديب شاعر، ولد في مكة وهو أربيلي الأصل، اشتَهَر بكتابته مصحف مكة المكرمة.[2] وله أكثرُ من أربعين كتابًا في القرآن الكريم وتفسيره ورسمه، وفي تاريخ مكة وبعض معالمها، وفي الخطِّ العربي وفنونه وأدواته. ولادته وتحصيلهولد محمد طاهر بن عبد القادر (شازمان)[3] بن محمود الكُردي في مكة المكرمة،[ا] عام 1321هـ/ 1903م،[ب] وفيها نشأ، وهو يرجع في أصله إلى مدينة أربيل العراقية، انتقل والدُه منها إلى مكة لمجاورة البيت الحرام. تلقَّى علومَه في مدرسة الفلاح بمكة أول افتتاحها،[4] وتخرَّج فيها وأتمَّ دراسته عام 1339هـ، ثم مضى به أبوه إلى الأزهر الشريف لينهلَ من مَعين علمائها عام 1340هـ/ 1922م، فمكث بمصرَ سبع سنين. والتحقَ هناك بمدرسة تحسين الخطوط العربية الملَكية،[5] فكان يدرُس في الصباح في الأزهر وفي المساء في مدرسة الخطوط، وحصل منها على شهادة دبلوم عام 1343هـ/ 1925م، فبرَع وأتقن واشتهر بالخطَّاط فيما بعد،[6] وعكف سنوات على دراسة فنِّ التذهيب.[7] وزار العراق سنة 1365هـ/ 1946م، ولقي خطَّاطيها فأفاد منهم وأفادوا منه، ونزل في أربيل على خاله عبد الغفور الجلبي.[3] شيوخهفي الشريعة
في الخط
وظائفه وأعمالهعمل موظفًا بالمحكمة الشرعية الكبرى عام 1348هـ/ 1930م، ثم مدرِّسًا بمدرسة الفلاح بجُدَّة أربع سنين من 1349 إلى 1353هـ. ووضع لطلَّابه كراريسَ في خطِّ الرُّقعة باسم "كُرَّاسة الحرَمَين" في سبعة أعداد. ثم سافر إلى القاهرة مرَّة أُخرى فأقام فيها سنة، وانتقل إلى الإسكندرية وأقام فيها سنة أيضًا، وفي هاتين السنتين طبع بعض كراريسه في الخطِّ وبعض كتبه، وتردَّد إلى دُور الكتب وخَزائنها لجمع معلوماتٍ لكتابه "تاريخ الخط العربي وآدابه".[9] وبعد عودته من مصر عام 1355هـ رجع إلى العمل في مدرسة الفلاح بجُدَّة مدَّة قصيرة، ثم اختارته مديرية المعارف للتدريس في المدرسة السعودية الابتدائية بمكة، ثم مدرسة العزيزية الابتدائية. وعُيِّن مديرًا لمدرسة تحسين الخطوط والآلة الكاتبة عند إنشائها،[10] مع عمله خطَّاطًا بمديرية المعارف. اختير عضوًا في اللجنة التنفيذية لتوسعة وعِمارة المسجد الحرام عام 1375هـ، ثم رئيسَ قسم التأليف والآثار التاريخية لمكتب مشروع التوسعة. واستمرَّ في عمله هذا حتى إحالته على التقاعد نزولًا عند رغبته عام 1383هـ.[6] وله عددٌ كبير من التلاميذ أخذوا عنه الخطَّ وأجازهم بأنواع الخطوط، من أشهرهم الخطاطُ العراقي وليد الأعظمي،[11] ويوسف ذُنُّون، ويحيى سلوم عباس، ومحمد صالح المَوصِلي.[3] مآثرهنال عددًا من المآثر والمفاخر، من ذلك:[12]
وقد أهدى هذه الحبوبَ وبيضة الدجاجة إلى الملك عبد العزيز عام 1355هـ، فسُرَّ بها جدًّا وشكره وأكرمه.[13] مصحف مكةتبنَّى فكرةَ طباعة مصحف في مكة مجموعةٌ من الأساتذة والوجهاء هم: الشيخ إبراهيم سليمان النوري المدرِّس في الحرم المكي، والمؤرِّخ محمد علي مغربي، والشيخ التاجر عبد الله محمد سالم باحمدين، وكلَّفوا محمد طاهر الكُردي كتابةَ المصحف الشريف، فمكث ثلاثة أعوام عاكفًا على نسخ مصحف بولاق المِصري، برسم موافق لرسم المصحف الإمام مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان، كتبه بخطِّ النسخ بقراءة حفص عن عاصم، وفرَغ منه عام 1362هـ/ 1943م.[ج] ثم أُنشئت لجنة بأمر الحكومة السعودية لمراجعة المصحف، تألفت من شيخ القرَّاء بمكة أحمد حامد التيجي، وإمام الحرم المكي عبد الظاهر أبو السمح، وعضوين من وِزارة المعارف هما الشيخ إبراهيم سليمان النوري، ومحمد بن أحمد شطا أول سعودي يحصل على الدكتوراه في التربية والآداب من مصر. ولمَّا انتهت المراجعة عُرض المصحفُ على شيخ قرَّاء الديار المصرية علي بن محمد الضبَّاع؛ ليكونَ معتمدًا في العالم الإسلامي.[14] ثم عُرضَت النسخة الخطية على الأمير فيصل بن عبد العزيز نائب الملك عبد العزيز آل سعود في الحجاز يومئذ، فسُرَّ بها، وعرضها على والده الملك عبد العزيز عام 1367هـ، فأقرَّ طباعتها، وأُنشئت شركةٌ لذلك باسم شركة مصحف مكة المكرَّمة، بحي الشبيكة في مكة، بإدارة عبد الله باحمدين، اقتنت آلات طباعة أمريكية لطباعة المصحف بأحجام مختلفة، ثم عقدت اتفاقًا مع مهندسين قدِموا لتركيبها.[15] وصدرت الطبعة الأولى من المصحف بنجاح عام 1369هـ/ 1949م، وكُتب على غلافه: (مصحف مكة المكرَّمة، كتبه محمد طاهر الكُردي المكي الخطَّاط بالمعارف العامَّة بمكة المكرَّمة، طُبع على نفقة شركة مصحف مكة المكرَّمة في عهد صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود).[16] وأُهديت النسخةُ الأولى منه إلى الملك عبد العزيز، ونُسَخٌ أُخرى إلى وليِّ عهده الملك سعود، وإلى كبار العلماء.[17] وقال الخطاط الكُردي حين طُبع المصحف: إن أعظمَ شيء عمله هو كتابتُه لمصحف مكة المكرمة، ويرجو الله تبارك وتعالى أن يجعلَه عملًا مبرورًا خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبَّل الأعمال.[18] وانتشرت نسَخُ مصحف مكة في السعودية وسائر بلاد الإسلام، وكان أولَ مصحف يُطبع في عهد المملكة العربية السعودية.[19] وقد طُبعت منه آلافُ النسخ في مكة، وكان الحُجَّاج والمعتمرون يحملونه معهم إلى أوطانهم على مدار أكثرَ من ثلاثة عقود من الدهر.[18] وبقي مشهورًا متداولًا حتى إنشاء مجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وطباعة مصحف المدينة الذي خطَّه الخطاط السوري عثمان طه، ووُزِّعت منه ملايينُ النسخ في أرجاء العالم. وثَمَّ رواية أُخرى لقصَّة مصحف مكة ذكرها المؤرِّخ محمد علي مغربي في كتابه "أعلام الحجاز"، ومُفادها أن محمد طاهر الكُردي رغب في كتابة مصحف شريف بخطِّه، وعرض فكرته هذه على الشيخ الأديب محمد سرو الصبَّان، فأيده وشجَّعه، واقترح عليه أن يكتبَ القرآن بيده ويُهدي النسخة الخطية إلى الملك عبد العزيز، ولقيت الفكرة القَبول لدى الكُردي لكنَّه اقترح أن يُطبعَ المصحفُ طباعة ليعُمَّ النفعُ به،[20] فجلب له الشيخ الصبَّان مطبعة خاصَّة لطباعة مصحفه.[21] مؤلفاتهخلَّف أكثر من 40 كتابًا من أشهرها:[12]
كتب عنه
قالوا عنه
أسرتهلمحمد طاهر الكردي من الأولاد ابنٌ اسمه عبد الرحمن، وثلاثُ بنات، الكبرى منهنَّ زوجها الدكتور عبد الوهَّاب أبو سليمان. وله أخٌ شقيق هو الشيخ محمد مكي الكُردي، كان عسكريًّا في وِزارة الدفاع السعودية، وهو والد الدكتور أسامة محمد مكي الكُردي عضو مجلس الشورى السعودي. وفاتهتوفي محمد طاهر الكُردي في مستشفى بخش بجُدَّة، فجر يوم الاثنين 23 ربيع الآخر 1400هـ الموافق 10 مارس (آذار) 1980م، ودُفن بالمعلاة بمكة المكرمة.[6][8] الملاحظات
المراجع
وصلات خارجية |